«الوطني للقضاء على التمييز ضدّ المرأة» يثير قضية رولا يعقوب المجتمع المدني في مواجهة القضاء فمن ينتصر؟!

albinaa

admin

Racism

Viewed : 879

عقد «اللقاء الوطني للقضاء على التمييز ضدّ المرأة» أمس، مؤتمرًا صحافيًا تناول فيه ضحية العنف الأسري رولا يعقوب، وذلك في مقرّ لجنة حقوق المرأة اللبنانية، بحضور حشد من الهيئات والجمعيات ومنظمات المجتمع المدني المعنية بالعنف الأسري ضدّ النساء. افتتحت المؤتمر منسّقة اللقاء عزّة الحر مروة بالقول: «في هذا الوقت، نتابع عملنا من أجل الدفع بحركة جماهيرية تعمل من أجل إنقاذ الوطن وترسيخ السلم الأهلي وتحقيق الإصلاح والتغيير الجذريين على مختلف الصعد. إلا أننا نرى ضرورةً للتوقّف مليًّا أمام ظاهرة العنف ضدّ المرأة، وأبرز مثال: قضية الضحية رولا يعقوب، ومن سبقها ومن أتى بعدها، وآخرهن كانت الضحية منال عاصي التي فارقت الحياة بسبب العنف الممارس ضدّها من قبل زوجها منذ أيام». الدويري من ناحيتها، قدّمت المحامية وفيقة منصور الدويري رؤية «اللقاء الوطني» حول القضية، وجاء فيها: «كان العنف الممارس على المرأة مشكلة، فأصبح اليوم قضية كبرى، إذ تزايدت أعداد الضحايا من النساء خلال العام المنصرم، وفي المقدّمة المرحومة رولا يعقوب، ابنة الثلاثين ربيعًا ووالدة خمسة أطفال، أكبرهن في سن الثانية عشرة. وآخر الضحايا المعنّفات المرحومة منال عاصي 33 عامًا ، التي قضت بضربها من قبل زوجها محمد النحيلي، مستخدمًا أوانٍ وأدوات منزلية. إذا ما تساءلنا عن الجديد في هذه الجرائم التي تطال النساء، نقول، هو استشهاد العشرات ظلمًا، نتيجة العنف الممارس عليهن، بعدما تفشّت الجرائم التي ارتكبت عمّا كان يدعى «جرائم الشرف»، إذ اضطر مجلس النواب إلى إلغاء المادة 562 من قانون العقوبات، التي كانت تنصّ على إعفاء المجرم من فعلته، وكان ذلك نتيجة النضال المستمر للوصول إلى هذه النتيجة». وتابعت: «إنّ العنف القاتل يعتبر مرحلة جديدة التقى من أجل تنفيذها أو الالتفاف عليها أكثر من عنصر وأكثر من سلطة، وتهافت على فرضه كل من يدّعي حمل لقب «أولياء الأمور»، وترافق مع مناقشة مشروع «قانون حماية المرأة من العنف الأسري» لدى مجلس النواب اللبناني كما كان من المفترض أن يكون، فأطلق عليه اسم فضفاض جرت عليه تعديلات تجمع بين المعتدي والمعتدى عليه تحت ذرائع مختلفة، تبدأ بالقول بعدم التدخل في الشؤون الخاصة بالأسرة، وتنتهي بإدخال السلاح الطائفي، لمنع أصحاب الحق وصاحباته من الوصول إلى الحق». تساؤلات وأضافت الدويري: «من المعلوم أن نظام الأدلة الجنائية مبنيّ على حرية اقتناع القاضي في تكوين اعتقاده، إلّا أن لهذا المبدأ استثناءات، إذ وضع القانون إجراءات خاصة لقبول الأدلة المحددة أنواعها في القضايا الجنائية وجمعها بالتالي: الاعتراف، شهادة الشهود، الأوراق والمستندات، الخبرة، الانتقال إلى محل وقوع الجريمة، والقرائن. وهنا، لا بدّ من توضيح بعض الأمور وطرح بعض التساؤلات حول كلّ دليل من هذه الأدلة. ففي الاعتراف، من الواضح أنّ الزوج المتهم، أقرّ خلال التحقيق بأنّه ضرب زوجته ضربًا خفيفًا بالعصا قبل 3 أيام من موتها. ثم أفاد بعد ذلك أن زوجته توفيت بسبب سقوطها على رأسها. فهل أخذ قاضي التحقيق بهذا الاعتراف الذي يثبت أنّ المتهم يلجأ إلى العنف مع زوجته باستعمال العصا؟ وفي شهادة الشهود، أنّ همّ الجار الذي سمع صراخًا داخل المنزل بالدخول، فاعترضه الزوج، ولكن الصراخ لم يتوقف، وكان ذلك قبل لحظات من نقل رولا إلى المستشفى وإعلان وفاتها. وإفادة الجيران بأنّ رولا تتعرّض منذ سنوات للعنف، وأنها كانت تستغيث وتطلب من زوجها عدم ضربها. وإفادة الجارة التي رأتها يوم الحادثة. وإفادة المحامية «أ. بشرى خوري»، وهي جارة الضحية وعلى اطّلاع بمسيرة حياتها، أنّ رولا تتعرّض للضرب منذ خمس سنوات. وأيضًا، إفادة والدة رولا التي تقيم معها في المنزل ذاته، أنّ ابنتها كانت زوجة معنّفة وكتومة، وتطلب منها ألّا تتدخل حفاظًا على أولادها. إضافةً إلى إحدى الشاهدات عرض على شاشة تلفزيون TELE LUMIERE التي أفادت أنّ الزوج هدّد زوجته وأولاده بالقتل لأنه وجد رقم هاتف قد ألغي من هاتفه الخلوي. وإفادة أفراد عائلة رولا الذين رفضوا تقرير الأطباء الذين عاينوا الضحية بعد وفاتها معتبرين أن الوفاة طبيعية. لهذا نتساءل: هل جرى استجواب هؤلاء الشهود، أم اكتفى القاضي بالشخصين المارين صدفةً أثناء الحادث، اللذين لا علاقة لهما ولا معرفة لهما بعائلة الضحية؟ إنّ اعتماد القاضي على أقوال الابنة القاصر بطلبها المعونة من المارة، ليس كافيًا لتبرئة الزوج الذي أوعز إليها بالخروج لطلب المساعدة. وتطابق أقوال الابنة بطلب المساعدة، مع أقوال الشاهدين المارين صدفة، لا تأثير له على الإدانة أو التبرئة للزوج. مع الإشارة إلى أنّه لا يجوز أداء الشهادة إلّا على سبيل الاستئناء لمن كان غير قادر على التمييز بسبب صغر سنه. والابنتان هما في سن 12 و11 سنة». المزيد وحول الأوراق والمستندات قالت الدويري: «لدى نقل رولا إلى المستشفى، قيل إن تقرير طبيب الطوارئ يفيد أن الوفاة قد تكون ناتجة من ضرب متكرّر على الرأس. فأين هو التقرير؟ وهل فعلًا هو مفقود من الملف الطبي؟ وهل استجوب هذا الطبيب؟» وجدت ورقة رسمت عليها ابنة الضحية والدتها مرمية أرضًا، والوالد أمامها يحمل العصا أداة الجريمة المفترضة . فهل اطّلع القاضي على الرسم؟ وهل أوحى له بمعلومة مهمة تنبئ بعلاقة العصا في يد الزوج، والعصا المكسورة في مكان الجريمة، وإقرار الزوج بأنّه ضرب زوجته بالعصا؟ وحول الخبرة قالت: «في المرحلة الأولى من التحقيق، خلص تقرير اللجنة الطبية إلى أن الضحية لم تتعرّض لضرب مباشر على الرأس، إذ لا أثر للكدمات عليه. وعزوا انفجار الشريان إلى تشوّه خلقي. وبناءً عليه، أصدر قاضي التحقيق قراره بإخلاء سبيل الزوج. إلّا أنّ الهيئة الاتهامية فسخت هذا القرار وأبقت الزوج موقوفًا على ذمة التحقيق». تشريح أكثر وعن القرائن قالت الدويري: «هي استنتاج واقعة مجهولة من واقعة معلومة، فالواقعة المجهولة هي سبب الوفاة: طبيعية أم نتيجة ضرب. والوقائع المعلومة عديدة ومنها: إقرار الزوج بضربه زوجته بالعصا، حتى ولو كان الضرب بحسب إفادته، خفيفًا ومنذ ثلاثة أيام. شهادة الجار بأنّه حضر عند سماع الصراخ يوم الحادث ومنعه الزوج من الدخول إلى المنزل، واستمر الصراخ. إفادات الجيران جميعهم بواقعة التعذيب التي يمارسها الزوج على زوجته لسنوات. تقرير طبيب الطوارئ بترجيحه سبب الوفاة، هو الضرب المتكرر على الرأس. إفادة والدة رولا التي تقيم معها، بأنّ ابنتها معنفة وتتكتم على ذلك لمصلحة بناتها. وبعد مرور 80 يومًا، أصدر قاضي التحقيق قرارًا بالتوسّع في التحقيق لمعرفة ما إذا كانت الضحية قد تعرّضت للعنف، وإذا كان العنف هو مسبّب الوفاة. وعيّنت لجان طبية عديدة، وبلغ عدد الأطباء فيها 16 طبيبًا، وجرى تشريح الجثة من قبل أطباء اختصاصيين وشرعيين، وكان هناك تناقض بين ما خلصت إليه اللجنة الأولى وباقي آراء الأطباء. فلم يأخذ قاضي التحقيق إلّا برأي 4 منهم فقط، أجمعوا على أن الوفاة طبيعية، وهو ما اعتمد عليه قاضي التحقيق للحكم ببراءة الزوج. ويكفي سرد بعض ما جاء في أقوال رئيسة اللجنة الطبية الدكتورة سمعان التي استهجنت صدور قرار التوسع في التحقيق بعد 80 يومًا، واعتبرت أنّ شيئًا ما حصل حتى لا يكون هناك جواب واضح من اللجنة الأولى. كما تساءلت عن سبب الوقت الطويل الذي استغرقته عملية الحصول على الإشارة القضائية لتشريح الجثة. وبعد شرح مستفيض لعدم التمكن من تحديد ما إذا كان النزف ناتجًا من تشوّه خلقي أو من الضرب، نتيجة تحلّل الشريان بعد 80 يومًا من الوفاة، أكدت أنّ النزف في حالة التشوّه الخلقي، هناك احتمال 95 أن يحدث أعلى الرأس، بينما النزف لدى رولا حصل في أسفل الرأس عند الرقبة، ما يفترض أن يكون قد حصل نتيجة الضرب. كما أفادت مصادر مسؤولة في نقابة أطباء بيروت أنّ في الأمر لغزًا عجزنا عن كشفه. إزاء التقارير والآراء الطبية، الصادرة عن 16 طبيبًا عاينوا الجثة، لم يختر قاضي التحقيق منهم سوى 4 كانوا في المرحلة الأولى من التحقيق، فأصدر قراره بإخلاء سبيل الزوج ومنع المحاكمة عنه. وفي هذا القرار قرينة البراءة المفترض صدورها عن قاضي الحكم لا عن قاضي الظن. وفي ذلك تعدٍّ على العدالة، إذ إنّ قرار الظن يفترض إخضاع المتهم للمحاكمة للنظر في أمر إدانته أو براءته». مواصلة التحرّكات وأضافت الدويري: «إنّ قضية مقتل رولا يعقوب ومن سبقها ومن سيليها، حافز جديد لمتابعة العمل الحثيث، على صعيد القطاعين الأهلي والرسمي، لاستصدار قوانين تحمي النساء من تنامي ظاهرة العنف واستفحالها. إنّ عدد ضحايا النساء بسبب العنف الممارس عليهن والمؤدّي إلى الوفاة يتزايد، وقد يكون هذا التزايد عائدًا إلى الجرأة في الإعلان عنه وعدم التستّر عليه، نتيجة الحملات والمطالبات من قبل الحركة النسائية وقوى التغيير. وإن حالات العنف غير المؤدّي إلى الوفاة، لا تُحصى أيضًا وتطال سائر طبقات المجتمع، ما يقتضي الإسراع في إصدار قوانين رادعة من ناحية، ووقائية من ناحية موازية لها، مع ضرورة ربط تلك القوانين بإجراءات تنفيذية، بما لا يجعلها حبرًا على ورق كما هي الحال بالنسبة إلى بعض القوانين الوضعية التي ناضل اللقاء الوطني للقضاء على التمييز ضدّ المرأة من أجل تعديلها، ومنها على وجه الخصوص قانون العمل. إن العنف الجسدي قد نستطيع إثباته بالكشف على الضحية، إنما في الوقت المناسب، وإلا ضاعت الأدلة، كما حصل في قضية الضحية رولا يعقوب. أما العنف المعنوي، حيث قد يكون أثره أعمق ونتائجه أخطر جسديًا ونفسيًا، فيبقى فاعله بمنأى عن المحاسبة». أين ملف القانون؟ وختمت الدويري: «انطلاقًا ممّا تقدّم ومن قناعتنا بأنّ القانون هو الذي يحمي الحق، وأنّ العدل أساس الملك، نؤكّد أنّ المطلوب أولًا وأخيرًا هو الحماية القانونية باتخاذ خطوات تشريعية، والإسراع في إصدار قوانين تساهم في مكافحة العنف لردع المعنّفين، وقوانين وقائية للحفاظ على صحة المعنّفين النفسية والجسدية. ونضيف أنّنا تقدّمنا منذ أكثر من سبع سنوات بمشروع حماية شاملة عبر تعديل جذريّ في قانون العقوبات، لا ندري ما إذا كان ولا يزال في أدراج المجلس النيابي، لذا لن نألو جهدًا ولا نضالًا من أجل إقراره. وفي هذا المجال ـ كما في كل مجالات نضالنا من أجل إلغاء التمييز ضدّ المرأة اللبنانية ـ نعلن أننا نمدّ يدنا لكل من يناضل تحت الشعارات نفسها». Source Link

Blog Roll