تمكين العاملات المهاجرات من حقوقهنّ

alakhbar

admin

Non Palestinian refugees and Migrants

Viewed : 448

 هديل فرفور لم تفارق البسمة شفاههنّ، كنّ يصغين الى كلمات المؤتمرين بحذر، يسرحن في مضامينها حيناً ويتفاعلن معها أحياناً. كن فرحات بأن ثمة من يحمل على عاتقه معاناتهن. هكذا كانت حال العاملات الأجنبيات اللواتي أتين الى مؤتمر «حماية عاملات المنازل المهاجرات» الذي عقدته منظمة «كفى عنفاً واستغلالاً» (كفى). إلا أن مناقشة خلل القوانين والتشريعات التي تعزز هشاشة وضع العاملات، وصولاً الى الحالات التي عُرضت عن أوضاع بعضهن المأسوية، لم تحل دون إدراك البعض منهن أن هذه «المناصرة»، قد لا تخرج عن الإطار النظري. فما كان من سوزانا رانا (45 عاماً)، وهي عاملة نيبالية عانت خلال عملها في أحد المنازل في بيروت من ضرب واحتجاز، إلا أن أطلقت «صرخة»، طالبت خلالها المؤتمرين بعدم التحدث في الإطار النظري والبحث فعلياً عن إمكانية المساعدة: «كلكم تتكلمون عن حقوقنا، لكننا نحتاج الى مساعدة عملية لأن النيباليين فقراء وليس لدينا سفارة هنا».هذه الصرخة المعبّرة تلازمت مع الرسالة الأساسية التي حاول مقرر الأمم المتحدة الخاص بحقوق المهاجرين فرنسوا كريبو إمرارها: «تمكين العمال أنفسهم من المطالبة بحقوقهم من دون الخشية من اعتقالهم».ولكن، كيف للعمال أن يطالبوا بحقوق يجهلونها؟ سؤال ركّزت عليه عضو البرلمان البريطاني فيونا ماك تاغريت، التي أجرت مقارنة بين واقع لبنان والمملكة المتحدة اليوم من ناحية تقييد العاملة بصاحب عملها وصعوبة تقديمها للشكاوى ووصولها إلى العدالة. شددت على أهمية وجود أشخاص يطلعون العمال على حقوقهم، وبالتالي «الاستثمار في نشر المعرفة في أوساط عاملات المنازل حول حقوقهن والحلول المتاحة أمامهن». فهل هذا هو الحل؟ طبعاً، هي أداة ضرورية، إلا أن إدراك الحقوق لا يكفي لتحصيلها، ولا سيما إذا كان هناك عوامل بنيوية، قانونية واجتماعية واقتصادية، تساهم في زيادة هشاشة وضع العاملات المهاجرات. لعل أبرزها العوامل المالية، وهو ما بيّنته النتائج الأولية للدراسة التي نظّمتها «كفى» بالتعاون مع «المفكرة القانونية»، والتي ارتكزت على مقابلات عشوائية مع 100 عاملة منزلية نيبالية وبنغلادشية وأصحاب مكاتب استقدام وعدد من أصحاب عمل لبنانيين. فقد خلصت معدّة الدراسة، الزميلة سعدى علوه، الى أن «العاملة تدفع كلفة أعلى مما يدفعه المستقدم» (من 1000$ إلى 1500$)، وهذا يجعلها مديونة قبل وصولها الى لبنان، الأمر الذي يجعلها خاضعة لظروف العمل القاسية. فكيف لعاملة مثقلة أصلاً بالديون أن تتمكن من دفع تكاليف رسوم التقاضي وأتعاب المحامي. وأشارت الدراسة الى ممارسات الخداع والغش التي تتعرض لها العاملات من قبل الوسيط في بلادها، تتعلّق بقيمة الراتب ونوع العمل والعطلة الأسبوعية وظروف الأسرة. ولفتت علوه الى أن عاملة دفعت 3000$ للوسيط مقابل مجيئها للعمل بشكل حرّ لتفاجأ بظروف العمل في لبنان. وأظهرت الدراسة أن 60% من العاملات فقط وقّعن عقوداً، و60% من اللواتي وقّعن عقوداً لم يفهمن محتوى العقد لأن العقد لا يكون بلغة الأم ولا أحد يترجم لهنّ ما يرد في العقد لأنه لا يصب في مصلحة الوسيط في بلاد المنشأ.في ظل اعتماد نظام الكفيل واستثناء العاملات في المنازل من أحكام قانون العمل، تقتصر جهود دعمهن على مبادرات من بعض منظمات المجتمع المدني، ولكنها مبادرات لا تزال قاصرة، وتكاد تقتصر على تخصيص خط ساخن للمساعدة أو تولي المرافعة القضائية نيابة عن البعض منهن. تقول المسؤولة الإعلامية لمنظمة «كفى» مايا عمار «إن كثرة حالات الانتهاكات الحقوقية التي تحصل في لبنان دفعت المنظمة إلى حصر جهودها بالعنف الجسدي والجنسي فقط»، ولا تنفي عمار وجود بعض التعقيدات التي تحول دون مساعدة عدد كبير من العاملات، في مقدمها محدودية قدرة العاملة نفسها على الوصول الى المنظمة. واعتبر المحامي في جمعية كاريتاس في لبنان جوزف عون أن «جمعيات المجتمع المدني ليست مقصّرة، وأن واقع اليوم أفضل بكثير مما كان عليه قبل عشر سنوات، ولفت الى «الكثير من المرافعات القضائية التي قامت بها الجمعية والتي انتهت لصالح العاملة». لكنه سرعان ما يلوم الثغَر القانونية والتشريعية التي تعرقل هذا المسار.لا يقع اللوم على منظمات المجتمع المدني وحدها، طالما أن العوامل التي تعزز وضعية الهشاشة متشعبة، فمكاتب الاستقدام مثلاً لا ينظّمها أي قانون ولا يحكمها أي تشريع، وسفارات بلدان العاملات لا تتحرك بفعالية، وليس هناك لوائح سوداء (black list) تسجل عليها أسماء أصحاب العمل غير المؤهلين لتشغيل العاملات المهاجرات واحترام إنسانيتهن وحقوقهن كعاملات. Source Link

Blog Roll