فلسطينيو سوريا: من العقاب الجماعي إلى التنظيم

Al-Akhbar

مهى زراقط

Palestinian Rights

Viewed : 426

لم يستمرّ «العقاب الجماعي» الذي اتخذ بحق فلسطينيي سوريا طويلاً. فبعد ستة أيام من تعميم المديرية العامة للأمن العام إلى شركات الطيران بعدم السماح بنقل أي لاجئ فلسطيني من سوريا إلى لبنان، تحت أي ظرف من الظروف، أعلن وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق أمس عن الإجراءات الجديدة التي ستتخذ للسماح بدخول الفلسطينيين اللاجئين في سوريا إلى لبنان

التاريخ المدوّن في رأس التعميم الصادر عن دائرة أمن عام مطار بيروت الدولي، والقاضي بمنع «شركات الطيران من نقل أي مسافر فلسطيني لاجئ في سوريا»، يشير إلى أنه صدر في الثالث من أيار الجاري. وهو اليوم نفسه الذي أعلنت فيه المديرية العامة للأمن العام أنها «أوقفت في مطار رفيق الحريري الدولي تسعة وأربعين شخصاً من التابعية السورية ومن الفلسطينيين اللاجئين في سوريا، أثناء محاولتهم مغادرة البلاد دفعة واحدة بموجب سمات سفر مزورة إلى إحدى الدول العربية».

للأسف، يصعب عدم ربط الأمرين، والتسليم بوجود «صدفة» دفعت إلى إصدار هذا التعميم في هذا التوقيت، في إطار خطة جديدة لتنظيم دخول اللاجئين الفلسطينيين من سوريا إلى لبنان أعلن عنها وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق أمس. التعميم، في مضمونه وتوقيته، لا يمكن فهمه إلا بوصفه عقاباً جماعياً عنصرياً وقع على فلسطينيي سوريا بسبب تأشيرات مزوّرة كان يحملها 49 شخصاً جرى توقيفهم. فهل كان التعميم نفسه سيصدر، في حال إيقاف خمسين لبنانياً يحملون تأشيرات مزوّرة؟ ولماذا يأتي التدبير «الإداري» بهذا الشكل العنصري عوض الإعلان عن زيادة الترتيبات الأمنية في المطار كما يفترض أيّ منّا أن يحصل، أو أي إجراء آخر تراه الأجهزة المعنية مناسباً؟ تبقى هذه الأسئلة مطروحة، رغم الأجواء الإيجابية التي حاولت التخفيف من حجم الموضوع، بالإشارة إلى النوايا السليمة التي تقف خلفه والتأكيد على أنه إجراء «مؤقت» كما أفاد أكثر من مصدر متابع للقضية لبنانياً وفلسطينياً. ففي حين ربطه الطرف اللبناني بالإجراءات الإدارية التي تتخذها الدولة لتنظيم اللجوء من سوريا والحدّ منه، بدا الطرف الفلسطيني مرتاحاً لهذه الإجراءات، في ظلّ تطمينات تلقاها بسير الأمور بما يضمن حقوق الفلسطينيين.قد يسمح للحالات الإنسانية والحرجة بالدخول إلى لبنان وفي حين يرفض السفير الفلسطيني في لبنان أشرف دبور الإفصاح عن الإجراءات الجديدة التي أبلغ بها من المعنيين، يكتفي بالقول إن «لجنة تشكّلت بعد اجتماع مجلس الأمن المركزي، وهي التي ستضع آلية جديدة لتنظيم دخول الفلسطينيين من سوريا إلى لبنان... لقد جرى تذليل بعض العقبات، وأعتقد أنه سيُسمح لاحقاً للحالات الإنسانية والحرجة بالدخول. نحن لا نحكي عن إغلاق تام للحدود بوجه الفلسطينيين». وهذا ما أكده الوزير نهاد المشنوق في البيان الذي وزّع مساء أمس، وأوضح فيه أنه «ليس هناك أي قرار يمنع دخول الفلسطينيين اللاجئين في سوريا إلى لبنان أو العبور منه، إنمّا تم اتخاذ إجراءات في عطلة نهاية الأسبوع الماضي بحق عدد من المواطنين السوريين والفلسطينيين اللاجئين في سوريا، الذين كانوا بصدد العبور من لبنان إلى دول عربية. واتخذ قرار بترحيلهم لارتكابهم فعلاً جرمياً لحيازتهم أوراق سفر مزورة». وأوضح المشنوق المعايير الجديدة التي تنظم عملية دخول الفلسطينيين اللاجئين في سوريا إلى لبنان، إذ «يسمح بالدخول لمن يستوفي الشروط الآتية: سمة دخول مسبقة مبنية على موافقة المديرية العامة للأمن العام أو على بطاقة إقامة (سنة واحدة، 3 سنوات، مجاملة) أو سمة خروج وعودة عدة سفرات ولحين انتهاء صلاحيتها، تمديد الإقامة 3 أشهر لإكمال مدة السنة بالنسبة للذين استوفي منهم رسم 300 ألف ليرة عن سنة كاملة، منح الفلسطيني اللاجئ في سوريا سمة مرور لمدة 24 ساعة للقادم عبر مطار رفيق الحريري الدولي في حال سبق وغادر عبر المطار أو في حال لديه إقامة صالحة في الخارج ويرغب في العودة إلى سوريا عن طريق لبنان، السماح بدخول المسافرين منهم والراغبين في المغادرة إلى الخارج عبر مطار رفيق الحريري الدولي، على أن يكون بحوزتهم بطاقة سفر أو سمة إلى الدولة المسافرين إليها». وأشار إلى «وقف منح التأشيرة التلقائية للفلسطينيين اللاجئين على الحدود، حتى لو كان بحوزتهم إذن عودة، وعدم تمديد التأشيرة التلقائية الممنوحة والممدّدة سابقاً». وفي ردود الفعل الأولى على هذه الإجراءات، عبّر البعض عن ارتياحهم، وخصوصاً أن المعلومات التي جرى تداولها كانت تشير إلى منع دخول الفلسطينيين من سوريا إلى لبنان، إلا في حال استخدامه كـ«ترانزيت». وفي وقت أشار فيه فلسطينيون معنيون الى صعوبة الالتزام بهذه الشروط، بسبب الوضع الأمني في سوريا الذي قد يعقّد الإجراءات الإدارية، أشارت إلى أن المهم هو «وجود قانون أو تعليمات واضحة وغير استنسابية ونحن مستعدون لتطبيقها». وتأتي هذه الإجراءات بعد اجتماع مجلس الأمن الداخلي المركزي الذي عقد قبل ثلاثة أيام في وزارة الداخلية والبلديات، وطلب خلاله من المديرية العامة للأمن العام اقتراح آلية تنظم دخول السوريين والفلسطينيين اللاجئين في سوريا إلى لبنان وفقاً لمعايير واضحة ليتم عرضها على مجلس الوزراء لبحثها وإقرارها. يُذكر أن تعميم دائرة الأمن العام في المطار كان قد أثار موجة من ردود الفعل المستنكرة. فاتهمت منظمة «هيومن رايتس ووتش» الحكومة اللبنانية في بيان وزّعته الثلاثاء الفائت بـ«إجبار أكثر من 36 فلسطينياً على العودة إلى سوريا منذ يومين وتعريضهم لخطر جسيم»، كما منعت في اليوم نفسه عدداً من الفلسطينيين القادمين من سوريا من الدخول إلى لبنان «بشكل تعسفي». في حين نفى مجلس الأمن الداخلي المركزي وجود أي قرار يمنع دخول المواطنين السوريين والفلسطينيين اللاجئين في سوريا إلى لبنان عبر الحدود البرية والجوية «بالمطلق».

Source Link

Blog Roll