قرار اتهامي يطلب الإعدام لهما ويدحض مزاعم فريق النظام السوري أبو غيدا يكشف تفاصيل مخطط سماحة ـ مملوك لتفجير لبنان
Al-Mustaqbal
24
Apr
2013
توّجت العملية الأمنية الاحترافية التي قام بها عناصر فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي بتوقيف الوزير السابق ميشال سماحة قبل نحو ستة أشهر، بقرار اتهامي أصدره قاضي التحقيق العسكري الأول رياض أبو غيدا، قرار قطع الطريق على محاولات تسييس توقيف سماحة من قبل فريق النظام السوري في لبنان لإخراجه من الملف الأمر الذي ينسحب أيضاً على مسؤول أمني سوري رفيع اللواء علي مملوك المتورط في القضية. ويشكل القرار خطوة متقدمة في مسار القضية التي ارتبطت أخيراً باغتيال اللواء الشهيد وسام الحسن الذي كشف مخطط سماحة مملوك وأماط اللثام عن "الوجه الشرير" لكليهما وعن سريرتيهما الخبيثة في ما كانا سيفعلانه من مشروع جرمي يستهدف لبنان بشكل عام ومنطقة الشمال على وجه الخصوص. ويعدّ القرار الذي خلص الى طلب الإعدام لسماحة ومملوك، بمثابة حكم بحيث يرتكز على أدلة واعترافات في تسلسل زمني ودقيق للوقائع بدءاً من لقاءات ميلاد كفوري الذي صنّف بالمخبر السري، مع سماحة، مروراً بنقل المتفجرات حتى التوقيف، تلك الوقائع التي عزّزت بتسجيلات صوتية وبالصور فضلاً عن المضبوطات. استطاع القاضي أبو غيدا في قراره الذي يقع في 64 صفحة أن يعبر بالملف الى برّ الأمان، على الرغم من الضغوط التي رافقت القضية، بأن استخدم لغة القانون في ما وصلت إليه النتيجة، قانون تخطى حدود الوطن باعتماده في التأكيد على شروع سماحة ومملوك في مخططهما الذي لم يفض الى نتيجة "لسبب خارج عن إرادتيهما" والذي يصنّف بلغة القانون أيضاً بالعقوبة نفسها للجريمة في حال حصولها، الى محكمة النقض السورية في قرارا صادر عنها عام 1961... ويكشف القرار أن ادعاء سيق بحق سماحة الى جانب الجرائم الأخرى يتعلق بجرم التعامل مع إسرائيل بعد ضبط "مطرة ماء" في منزله من صنع إسرائيلي، وقد منعت عنه المحاكمة لهذه الجهة لعدم كفاية الدليل. ويبرز في القرار الذي جاء وفقاً وخلافاً لمطالعة النيابة العامة العسكرية "عبارات" استخدمها سماحة في معرض استجوابه، يقول سماحة أنه أراد إحداث "صدمة" لوقف التسيّب الأمني في عكار، مبدياً ندمه على فعلته، ويؤكد أن الطرف السوري لم يدخل في تحديد الأهداف المقرر ضربها والتي تمحورت حول قطع الطرقات في الشمال على المهربين للسلاح وضرب السوريين المسلحين وحرية تحركهم بطلب من مملوك، لكنه أضاف من تلقاء نفسه على هذه اللائحة اغتيال نواب ومفتي عكار وشخصيات سياسية خلال إفطارات رمضانية. وتحت شعاره "لاجل لبنان"، أقدم سماحة على فعلته، وحجته في عدم إخبار أي جهاز أمني بعد إلقاء التهمة على كفوري، بأنه يفتقر الى الخبرة الأمنية. وفي ما خصّ اللواء المتقاعد جميل السيد ومستشارة الرئيس السوري بثينة شعبان اللذين ورد اسميهما في تسجيلات صوتية، فإن التحقيق أثبت بحسب القرار الاتهامي أنهما لم يكونا على علم بالمتفجرات وبمخطط سماحة مملوك، وذهب السيد خلال سماع إفادته في الملف الى حد القول أنه "لم يخطر على باله قيام سماحة بأي عمل أمني، ولولا عائلته لكان ادعى عليه لزجّ اسمه بأمور خطرة"، وبالنسبة الى شعبان وسبب حديثه معها بـ"الألغاز" كانت حجة سماحة "أنه يخشى التنصّت وهذه طريقته بالكلام". وفي المحصّلة، فإن سماحة قد أحدث فعلاً "صدمة" باستعداده للقيام بأعمال تفجير في وطنه إرضاء للغير سواء أكان صديقاً أو أخاً، أو ليثبت عمق إخلاصه وصدقه لهذا الصديق وذاك الأخ، بحيث لن يحوز لا على احترام الصديق ولا على ثقة الأخ خلاف ما يظهرانه له، وذلك وفق تعبير القاضي أبو غيدا في قراره. وفي ما يلي نص القرار: [قرار رقم نحن رياض أبو غيدا قاضي التحقيق العسكري الاول بعد الاطلاع على ورقة الطلب رقم 11148/2012 وعلى مطالعة مفوض الحكومة بتاريخ 11/2/2013 وعلى كافة الأوراق، تبين أنه أسند الى المدعى عليهم: 1 ميشال فؤاد سماحة، والدته أليس مواليد 1948، أوقف وجاهياً بتاريخ 11/8/2012 ولا يزال. 2 علي أحمد نزهت مملوك، والدته وداد، مواليد دمشق 19/2/1946، لواء في الجيش السوري، أوقف غيابياً بتاريخ 4/2/2013. 3 عدنان، عقيد في الجيش السوري. 4 كل من يظهره التحقيق. بأنه في الأراضي اللبنانية وخارجها، وبتواريخ لم يمر عليها الزمن، أقدموا على تأليف عصابة ترمي الى ارتكاب الجنايات على الناس، والأموال، نيلاً من سلطة الدولة وهيبتها، توصلاً الى إثارة اقتتال طائفي عبر التحضير لتنفيذ أعمال إرهابية بواسطة عبوات ناسفة تولى نقلها وتخزينها الأول، بعد أن جُهّزت من قبل الثاني والثالث مع التخطيط لقتل شخصيات سياسية ودينية، وذلك بناء لدسائس دسها الأول لدى الثاني والثالث بوصفهما ضابطين في جهاز مخابرات دولة أجنبية، لدفعها لمباشرة تلك الأعمال العدوانية على لبنان مع توفيره الوسائل التنفيذية لذلك، كما أقدم الأول على حيازة أسلحة حربية وأعتدة عسكرية غير مرخصة. الجرائم المنصوص عنها بالمواد 335 و308 و312 و549/200 عقوبات، و5 و6 من قانون 11/1/1958 معطوفتين على المادة 200 عقوبات بالنسبة لكافة المدعى عليهم، و274 عقوبات و72 و76 أسلحة و144 قضاء عسكرية بالنسبة للأول. وبنتيجة التحقيق، أولاً: في الوقائع: [ما هي البداية؟ كانت حضور ميلاد كفوري بأواسط شهر تموز 2012، الى مركز شعبة المعلومات مُصرّحاً أن لديه معلومات على قدر عال من الخطورة يريد البوح بها. استوضحه رئيس الشعبة، وكان حينها اللواء الشهيد وسام الحسن، عما لديه، فأفاد بأن الوزير السابق ميشال سماحة الذي تربطه به معرفة قديمة، اتصل به ودعاه الى منزله بمحلة الجوار، حيث فاتحه بأن اللواء علي مملوك يهديه السلام، ويريد المساعدة بتنفيذ عمليات تفجير واغتيال بمنطقة عكار، وهو سيؤمن كافة المتطلبات اللوجستية والمادية المطلوبة. أطلع رئيس الشعبة مدعي عام التمييز على هذه المعلومات، فأشار هذا الأخير باعتبار ميلاد الكفوري مخبراً سرياً بهذه القضية. إثر ذلك تمّ تجهيزه بأجهزة تسجيل وتصوير سرية في جسمه، لتوثيق اللقاءات التي ستتم بينه وبين الوزير سماحة. وعليه كيف تطورت الأمور؟ لفهم التطورات اللاحقة، ولوضع المجريات بسياقها الواقعي التراتبي، سنقوم بعرض الوقائع على النحو التالي: النبذة الأولى: مضمون اللقاءات التي حصلت بين المخبّر ميلاد كفوري، والوزير سماحة حسب التسجيلات بتقنية "ص.ص". النبذة الثانية: إفادة الوزير سماحة الأولية لدى شعبة المعلومات. النبذة الثالثة: إفادة الوزير سماحة الاستنطاقية أمام قاضي التحقيق. النبذة الرابعة: محاضر شعبة المعلومات اللاحقة المستخلص مضمونها من التسجيلات فيما خصّ اللواء جميل السيد، والوزيرة بثينة شعبان. النبذة الأولى المتعلقة باللقاءات بين ميلاد كفوري والوزير ميشال سماحة [هذه اللقاءات ثلاث: 1 اللقاء الأول: حصل بتاريخ 21/7/2012 بمنزل المدعى عليه ميشال سماحة بمحلة ساسين في الأشرفية، وأن ملخّص ما دار فيه بعد تفريغ التسجيل صوتاً وصورة، وذلك فيما خصّ موضوع هذه الدعوى هو التالي: يبدأ المدعى عليه سماحة بحديث عام عن الوضع السوري، ثم يسأله المخبّر ميلاد قائلاً: "شو بدنا نكفي بالموضوع، وصاحبنا، شو توجيهاتو؟ وهل بدّو يكفّي؟ فيجيب سماحة، بدّو يكفي، وبدّو يعرف إذا فينا نعمل عمليات، بدّو يعمل! يُبدي المخبّر استعداده للعمل، وأن لديه ثلاثة أشخاص للتنفيذ، ويسأل عن ضمانة حماية عائلته وعائلة أولئك الأشخاص ومن يعرف بلبنان عن هذا الموضوع؟ فيطمأنه سماحة الى تساؤلاته، قائلاً: بلبنان ما حدا بيعرف. ثم يطلب المخبّر، تحديد الأهداف بشكل محدّد لأن جماعتو، أي المنفّذين، ما فيهنّ يحددوا أهداف عشوائية، وبدن ينفذوا ساعة ما يكونوا مرتاحين، وبعدها يسلّم للوزير سماحة لائحة، بالمتفجرات المطلوبة كتبها الأشخاص الثلاثة المولجين بالتنفيذ. وعن طبيعة الأهداف يجيبه سماحة: "أماكن تواجد مقاتلين سوريين، وأثناء وجود قيادات لبنانية معهم، من الذين يدعمونهم"، مضيفاً: "تفجيرين أو ثلاثة يخلق الرعب، ويزيد الحذر، ويعملوا حسابهن أن لا تكون العمليات بذات المحل، لأنو بيصيروا حذرين". بعد ذلك انتقل الحديث الى تكاليف العملية، وطلب ميلاد الكفوري مبلغ 200 ألف دولار للمنفذين الثلاثة، وأجرته الشخصية غير مشمولة بهذا المبلغ، وستحدد لاحقاً. ثم يسأل لماذا تمّ اختياره لهذا العمل قائلاً: "بتحور وبتدور براسي"، فيجيبه سماحة: الثقة، الثقة، الثقة، وأنا طالع، وبس إرجع بتبلش، وخلّي الشباب يستقصو عالخفيف. 2 اللقاء الثاني: حصل بتاريخ 1/8/2012 الساعة 9,30 صباحاً بمنزل الوزير سماحة ببلدة الجوار، وقد بيّنت التسجيلات ما ملخّصه، والمتعلق دائماً بهذه القضية التالي: بداية أبلغ الوزير سماحة، ميلاد، أن المبلغ المالي للمنفذين الثلاثة، أُنزل الى 170,000 ألف دولار بدلاً من 200 ألف دولار، وحصته أي ميلاد ستدفع على حدة. وأردف أن المال، والمتفجرات سيؤمنان خلال يومين على الأكثر، مع مسدسين كاتمين للصوت طلبهما ميلاد في اللقاء الأول. عند ذلك تدخل المخبّر ميلاد الكفوري قائلاً للمدعى عليه سماحة، أنه حدّد مع المنفذين قرى: المنوّرة، عمّار البيكات، الهيشة، المقيبلة، الكنيسة، كفرتون، كأمكنة تتحرك فيها المجموعات المطلوب استهدافها، وصارت مرصودة 99% (صفحة 21 من التحقيق الأولي). يستفسر المدعى عليه يشال سماحة عما يعمل أفراد تلك المجموعة هناك؟ يجيبه المخبّر، "بيهرّبوا مسلحين، وبيشتروا ذخيرة من السوق الطرابلسي، والسوق العكاري، ومعهم عملة صعبة، ثم يضيف: في إفطارات عم بتصير، بيحضّرها نواب، فهل حكيت مع علي (أي اللواء مملوك) عن الأهداف، هل هو يحدّدها؟ يتدخّل المدعى عليه سماحة قائلاً: "عندك إفطارات، فيها نواب، روّح نواب، فيك تروّح الضاهر، خيّو، حدا من القيادات الأساسية للجيش الحر، تجمع سوريين مسلحين، مخزن ذخيرة، الطرقات يلي بيمرقوا عليها..." هيدي أهداف (صفحة 22 من التقحيق الأولي) فيسأله المخبّر، وإذا كان مفتي عكار موجود بإفطار من الإفطارات؟ يجيب سماحة، إذا الموجودين تقال يروحوا، شو عليه!! ثم يضيف، بلّش حضر حالك من اليوم، ومنشوف بعضنا، يا بكرا بعد الظهر، يا الجمعة الصبح بمنزلي في بيروت. واسمك ما حدا بيعرفوا، وأمنك، وامن عائلتك والمنفّذين الثلاثة مكفول. يتدخّل ميلاد الكفوري قائلاً: يعني حوالي 72 ساعة، أنا بدّي حضّر الشباب، السيارة، الموتوسيكل، وبدنا نشوف أول عملية وين نعملها ويكون فيها زبدة. ومثل ما الله بيريد، طلعت القرعة علينا تقبلناها. لكن كلمة قرعة لم تُعجب الوزير سماحة، فيقول: شو قرعة هيّي، إنها: ثقة، ثقة، بالشخص، بعقلو، بسريّتو، بقدرتو، وبحسن إدارتو. 3 اللقاء الثالث [والأهم: وقد جرى داخل منزل المدعى عليه ميشال سماحة في الأشرفية بتاريخ 7/8/2012 الساعة 20,40، وبالصوت والصورة، ص.ص، حدث الحدث: سماحة: هاو المصاري، 170 ألف دولار بكيس أبيض، وهلّق بنزل أنا وإياك الى كاراج البناية، وبتنزّل سيارتك جبت معي: 20 كيلو ت.أن.ت، اثنين، اثنين، وعندك 50 كيلو وأكثر، عشرينات، وثلاثينات، والصواعق، والمسدسات بعدين بجيبون. الكفوري: يسأل عن حمايته وحماية عائلته؟ سماحة: بالإنكليزية Never mind حمايتك وعائلتك مؤمنة مئة بالمئة. فيبادر المخبّر بالقول: "هلق يطوّل عمرك، خلّينا بالأهداف، في شي تعدّل بالأهداف؟ يجيبه، لا، أبداً، كل ما يعرقل النظام والقيادة وأمن التنقل، وإمكانية ضرب الأسلحة والذخيرة، وتجمعات المقاتلين، مين بيروح بالدرب يروح! يستوضّح المخبّر، ونواب المنطقة؟ والشيوخ؟ يجيبه، كمان، كمان، قبلنا، يصطفلوا، ينقبروا، ما يعودوا يحضروا. بعد ذلك جرى الحديث عن كيفية نقل المتفجرات بسيارة المدعى عليه سماحة الأودي، وأنه: ما حدا حسّ لا بلبنان، ولا بسوريا على الطريق، أي على الحدود. ثم توجه الإثنان نحو المصعد للنزول الى كاراج البناية، وخلال خروجهما من الباب يسأل المخبّر الكفوري: هل حزب الله، معو خبر بالموضوع؟ فيجيب الوزير سماحة "بعدة إيماءات نفي قاطعة" (صفحة 43 من التحقيق الأولي). وفي كاراج البناية، كانا لوحدهما، وبدأ نقل المتفجرات من سيارة سماحة الى سيارة الكفوري، وسُمِع حينها الوزير سماحة يقول: ـ هاو الصواعق. ـ هاو القنابل. ـ هاو الساعات. ـ هيدي الشنطة، أهم شيء. ـ هاو شي مثل الألغام، إنتو طالبينون. فيتدخل الكفوري قائلاً: "طوّل عمرك، شوي، شوي، دخلك بتأثر الحماوة عليهن، لازم شيل الساعات!!! فيجيبه، لا، لا، ما بتأثر، سألت الجماعة!! وهنا دخل الرعب على ما يبدو الى قلب الكفوري فسُمِع يقول: ... يا ويلي، خلص، فيي آخذهن هيك؟ شو بعد في بالصندوق؟ ثم يستطرد، نسيت كيس المصاري بالمنزل، فيطلب سماحة من سائقه إنزال الكيس، ويسلّمه للكفوري. وبعدها افترقا، مع عناق وقبلات. النبذة الثانية المتعلقة بإفادة الوزير سماحة أمام شعبة المعلومات بعد توافر تلك المعطيات، وإطلاع النائب العام التمييزي عليها، أشار بمداهمة منزل المدعى عليه سماحة، وتوقيفه وتفتيش منزليه، وسياراته، وهو ما حصل فعلاً، وأحضر الى مركز شعبة المعلومات وتم سماع إفادته الأولية، على مرحلتين: [في المرحلة الأولى: أفاد، أنه منذ حوالي الأربعين يوماً، حضر الى منزلي في بلدة الجوار، ميلاد كفوري الذي تربطني به معرفة قديمة، عمرها حوالي 30 سنة، وأخبرني، أنه بإمكانه جمع معلومات مفيدة عن عمليات تهريب السلاح والمقاتلين من عكار، باتجاه الداخل السوري وهو مستعد للقيام بعمليات أمنية ضد هؤلاء فاستمعت إليه من دون أن أعلّق على الموضوع. وبالتزامن مع ذلك، كنت أسمع أثناء زياراتي الى سوريا، وتحديداً عند العقيد عدنان مساعد اللواء مملوك، تململ، وحنق من عدم ضبط التهريب من الجهة اللبنانية للحدود السورية، للأسلحة وللأشخاص وبسبب إلحاح ميلاد الكفوري، باستعداده لتنفيذ عمليات ضد المهرّبين، والتململ السوري سألت العقيد عدنان، عن مدى "اهتمامهم بأشخاص قادرين على جمع المعلومات والقيام بعمليات تعرقل مسائل التهريب..". فأجابني، أنه على اهتمام شديد بكل ما يعرقل ويمنع التهريب من لبنان الى سوريا. وبعودتي الى لبنان، اجتمعت مع ميلاد الكفوري، ونقلت له تجاوب الطرف السوري، فأبدى استعداده للعمل وقال لي: "هل المطلوب تنفيذ مهمات أمنية ضد مختلف الأطراف، أي ضد السوريين المسلحين، وأخرى ضد المسيحيين والعلويين بغية إثارة الفتنة؟". لكنني قلت له: "الهدف ليس إثارة الفتنة، إنما عرقلة التهريب، واستهداف الطرقات المستخدمة". وبعد عدة لقاءات، طلب مني ميلاد تأمين مبلغ 200 ألف دولار، وأسلحة، ومسدسين كاتمين للصوت، وعدة تفجير كاملة، بما فيها الصواعق، وساعات توقيت، مع تأمين حماية له ولعائلته، وعائلات المجموعة التي ستقوم بالتنفيذ. وسلّمني بأحد اللقاءات لائحة بالحاجات المطلوبة. ولدى عودتي الى دمشق، أعطيت اللائحة للعقيد عدنان، ثم قابلت اللواء مملوك وطلبت رأيه بالموضوع فأجابني: "إن عرقلة التهريب الى سوريا، وتنفيذ عمليات ضد السوريين المسلحين والمهربين أمر مفيد للنظام السوري" (صفحة 53 من التحقيق الأولي). ثم اجتمعت مجدداً بميلاد الكفوري وأبلغته أن الحاجات من قنابل وغيرها ستتأمن، لكن المبلغ المالي سيكون 170 ألف دولار غير حصته التي ستؤمن لاحقاً. وقد استوضحني عن الأهداف، وسمّى لي النائب خالد الضاهر، أو شقيقه، كما سمى المسلحين السوريين، وحفلات الإفطارات التي يحضرها مهرّبين ومساعدين لهم، فأجبته، الهدف هو عرقلة التهريب، واستهداف المهرّبين والمسلحين السوريين والأشخاص الذين يساعدونهم، وجعل المعابر غير آمنة، ويعود لك استنساب الأهداف كونك تقوم بالاستطلاع (صفحة 54 من التحقيق الأولي). وبتاريخ نهار الإثنين في 6/8/2012 انتقلت الى سوريا بواسطة سيارتي من نوع "أودي" رمادية اللون، والتقيت العقيد عدنان، الذي أخبرني أن كافة الحاجات أصبحت جاهزة. وفي اليوم التالي، الثلاثاء 7/8/2012 وأثناء وجودي بمكتب اللواء مملوك أخذ العقيد عدنان مفاتيح سيارتي لوضع المتفجرات بصندوقها، ثم عاد وسلّمني المفاتيح بعد حوالي الخمسين دقيقة. ولدى عودتي الى بيروت، طلبت من سكرتيرتي غلاديس إسكندر الاتصال بميلاد كفوري لملاقاتي بمنزلي في الأشرفية، حيث حضر وسلّمته كيس الدولارات (170 ألف دولار)، وطلبت منه ملاقاتي بسيارته الى مرأب البناية، ونقلنا المتفجرات من سيارتي الأودي الى سيارته. وقبل نزولنا الى المرأب، عاد ميلاد يسألني عن الأهداف، وكان يسمّيها بنفسه ومنها النائب الضاهر، والإفطارات، وكنت أبدي موافقتي "إيماءة بالرأس"، قائلاً "إن ثقتي به كبيرة". وأنهى المدعى عليه ميشال سماحة إفادته الأولية بقسمها الأول أنه عاد الى منزله بمحلة الجوار بعد تسليم المتفجرات الى أن حضرت في اليوم التالي دورية من قوى الأمن، وألقت القبض عليه، وتبين أنه بعد الانتهاء من سماع إفادته أعلاه، تم عرضه على الطبيب المقدم ابراهيم حنا، والطبيب الشرعي الدكتور حسين شحرور، فلم يجدا عليه أي آثار عنف أو ضرب، وأودعا تقريراً مفصلاً بذلك. وحوالي الساعة الخامسة عشر من ذات التاريخ، حضر الى مركز شعبة الملعومات النائب العام التمييزي، وقابل المدعى عليه سماحة، وسأله عن كيفية سير التحقيق معه، وعما إذا تعرض لأي ضغط أو إكراه فأجابه: أنه أدلى بإفادته بكامل وعيه وإرادته ولم يتعرض لأي ضغوط أثناء استجوابه. عند ذلك، أشار النائب العام التمييزي بمتابعة التحقيق معه، بعد أن اطّلع على مضمون إفادته، وكذلك استماع العاملين لديه. في المرحلة الثانية من إفادته الأولية: أي القسم الثاني: استُكمل التحقيق الاولي مع المدعى عليه ميشال سماحة بقسمه الثاني، وسنعمد خلال عرض إفادته، على وضع النص الحرفي للأسئلة ولأجوبته عليها، بحسب أهميتها. بداية، أدلى أنه خلال لقاؤه مع العقيد عدنان، سأله عن مدى اهتمامه والمسؤولين السوريين بقيام أحد الأشخاص على معرفة شخصية به بتنفيذ عمليات تعرقل تهريب الأسلحة والمقاتلين من منطقة عكار الى الداخل السوري. وأن عرضه هذا كان على خلفية ملاحظته شكاوى وغضب من المسؤولين السوريين خاصة اللواء مملوك عن سوء وضع الحدود السورية مع شمال لبنان. أضاف أن العقيد عدنان وافق على العرض، قائلاً، أنهم بحاجة لمن ينفّذ عمليات تفجير وليس فقط جمع معلومات، وهو على استعداد لتوجيه هذه العمليات، وبكل حال سيفاتح اللواء مملوك بالموضوع، للحصول على الضوء الأخضر منه. عند ذلك تمّ توجيه السؤال التالي للوزير سماحة: السؤال: يتبين من خلال تفريغ التسجيل أن ميلاد كفوري بادرك بالقول: "في إفطارات عم بتصير، عم يحضرها نواب، هلق هون ما بعرف حضرتك، حكيتن عن الأهداف؟ حكيت مع علي (أي اللواء مملوك) عن الأهداف بحدّد هوي الأهداف أم لا؟ فأجبته أنت حرفياً: "عندك إفطارات، في نواب، فيك تروّح الضاهر، خيّو، حدا من القيادات الأساسية تبع الجيش الحر، تجمع سوريين فيها مسلحين، مخزن ذخيرة في مكان ما، الطرقات يلي بيمرقوا عليها، يأكلوها ضربتين، ثلاثة، بشكل يتضعضعوا، وما يسترجوا يمرقوا عالطرقات، هيدي الأهداف! وهذا يدل على أنك كنت تقوم بنفسك، بتلقيمه الأهداف التي يجب ضربها، فما هو ردّك؟ جواب الوزير سماحة: أفيدكم صراحة، أن الطرف السوري لم يدخل في تحديد أهداف وإني أعتبر قيامي بذكرها، كالنائب الضاهر وشقيقه، والمفتي، هو غلطة ارتكبتها لكي أنتهي من هذا الموضوع مع ميلاد. وأؤكد أن الهدف الذي كان يهم النظام السوري ويهمني شخصياً من عمليات التفجير هو قطع طرقات التهريب وضرب السوريين المسلحين وحرية تحركهم (صفحة 63، 64، 65 من التحقيق). ثم طُرح عليه السؤال التالي: السؤال: بسياق الحديث، سألك ميلاد كفوري، بحال وُجد مفتي عكار في أحد الإفطارات، أجبته، إذا كان الموجودين مُهمين، فلتّنفذ عملية التفجير، وأضفت: إن الثوار في سوريا قتلوا أهم شيخ فقهي في حلب، فما المانع من قتل المفتي السني في عكار؟ أليس ذلك تشجيعاً منك لمن يقوم بعمليات التفجير؟ جواب، الوزير سماحة: نعم، إن جوابي هو تشجيع للشخص الذي سيُفجر، وتحفيزه للقيام بالعمل وقد أخطأت، وأسأت التقدير، وهذا ليس من تفكيري. وتبين أنه بعد الانتهاء من سماع المدعى عليه ميشال سماحة، عُرضت عليه المتفجرات التي نقلها بسيارته، مع المبلغ المالي (170 ألف دولار)، فاعترف صراحة أنها نفسها التي نقلها وسلّمها الى ميلاد الكفوري. وأنهى بالقول، إني نادم على ما فعلته، وأشكر الله على عنايته التي تدخّلت بالوقت المناسب لوقف إمكانية الضرر بأي إنسان، أو ممتلكات وللاستقرار العام. وتبين أنه ضُبط من منزليّ المدعى عليه ميشال سماحة ومكتبه أسلحة غير مرخصة عبارة عن: [ رشاش بريتا 9ملم مع ممشط وثلاثين طلقة. [ مطرة ماء إسرائيلية الصنع مع غلاف عسكري لها. [ بندقية كلاشنكوف مع ممشطين. [ رشاش نصف أوتوماتيكي. [ مسدس HS 9ملم مع ممشط. [ ستون طلقة عيار 7,62ملم لكلاشنكوف. [ مسدس هرستال عيار 9ملم مع ممشطين. وبسؤاله عن هذه المضبوطات، أفاد أنها غير مرخصة، وهي موجودة في منزله منذ أمد بعيد ولم يستعملها مطلقاً. النبذة الثالثة إفادة المدعى عليه ميشال سماحة أمام قاضي التحقيق لقد استُجوب المدعى عليه ميشال سماحة أمام قاضي التحقيق العسكري الأول بجلسات عديدة، وأنه لتسهيل ربط أقواله بعضها بالبعض بكل تفصيلاتها، سنعرض لهذه الأقوال حسب ورودها بكل جلسة على حدة، مع كتابة بعض الأسئلة حرفياً كما وردت، والأجوبة عليها حرفياً أيضاً، ليكون الاستنتاج القانوني متوافقاً معها، ومع الإفادة الأولية. الجلسة الأولى حصلت بتاريخ 13/8/2012 وفيها أدلى: أنه على معرفة بالمخبّر ميلاد كفوري منذ أكثر من ثلاثين سنة، حين كان يعمل بجهاز أمن القوات اللبنانية. وبعد عام 1990، أصبح يتردد عليه من حين لآخر، وأخيراً، وبالتحديد ابتداءاً من شهر آذار 2012، فاتحني بموضوع يهمّ السوريين مفاده: "بأنه على استعداد للقيام بجمع المعلومات لهم عن عمليات تهريب السلاح، وتجمعات المسلحين السوريين بمنطقة عكار. وعلى اعتبار أني كنت خلال زياراتي الى دمشق، أسمع من المسؤولين السوريين شكاوى كثيرة عن تهريب السلاح من لبنان وخاصة من منطقة الشمال، الأمر الذي شكّل أذية كبيرة للداخل السوري، لذلك، فاتحت بإحدى زياراتي خلال شهر حزيران 2012 المسؤول الأمني، العقيد عدنان، باستعدادات ميلاد كفوري للقيام بعمليات: تلغيم طرقات ومهاجمة مخيمات مسلحين، وغيرها من العمليات على مسالك الحدود، فتحفّظ بداية، وكان حذراً. وبعد طول تفكير، قمت بعرض الموضوع ذاته على اللواء علي المملوك الذي أجاب: "سوريا لا تريد القيام بأعمال عسكرية أو أمنية في لبنان، وأن قمع التهريب من مهمات السلطة اللبنانية. ولكن، وبسبب تكرار زيارات ميلاد كفوري وعرضه الدائم للقيام بعمليات، تداولت مجدداً مع اللواء مملوك والعقيد عدنان وأخذت موافقتهما على التعاطي مع ميلاد، حيث صرت ألتقيه بشكل متواصل. وبإحدى هذه اللقاءات، سلّمني ميلاد الكفوري ورقتين مطبوعتين حول حاجته من المتفجرات ونقلتها الى العقيد عدنان. ونهار الثلاثاء في 7/8/2012 وأثناء تواجدي بمكتب اللواء مملوك سلّمت مفاتيح سيارتي من نوع أودي الى العقيد عدنان ليضع المتفجرات المطلوبة في صندوقها، وهو ما حصل فعلاً. ولدى عودتي الى بيروت سلّمتها الى ميلاد الكفوري بمرأب منزلي في الأشرفية. وأضاف، أنه خلال كل ذلك، كنت على يقين بأن ميلاد كفوري هو مخبّر لأحد الأجهزة الأمنية، وهو لن ينفّذ أي عملية ينتج عنها أضراراً مادية أو بشرية، وكان يريد توريطي. عندها، سُئل، طالما كنت على يقين بأن ميلاد كفوري هو مخبّر ويريد توريطك، لماذا تابعت التعاطي معه لدرجة جلبك المتفجرات وتسليمه إياها؟ أجاب، الصدمة كنت أنوي القيام بصدمة، لوقف التسيب الأمني في منطقة عكار، وباعتقادي أن من شأنها لكن الحصول على توافق سياسي بإجراءات ميدانية جدية على الحدود تُخرجنا من التدخل عما يجري في سوريا. سُئل، يظهر من التسجيلات، أنك كنت وميلاد كفوري تناقشان الأهداف التي سيقوم بتفجيرها ومنها، إفطارات، وشخصيات سياسية ودينية، فكيف لك أن تحدّد هذه الأهداف معه، وتقول أنك كشفته بأنه مخبّر؟ أجاب: أنا كنت أمشي معه لتحقيق: الصدمة وأكرر أني كنت متأكد بأنه لن يحصل تفجير، وهذا ما حصل فعلاً. سُئل، يتبين من التسجيلات والتحقيقات الأولية، أن أحاديثك مع اللواء مملوك والعقيد عدنان، كانت عمليات على المسلحين، ومهربي السلاح، فلماذا جرى الحديث بينك وبين ميلاد كفوري عن غير هذه الأهداف، مثل إستهداف إفطارات ونواب ورجال دين؟ أجاب، أنا مشيت معه، ومتأكد أنه لن يحصل تفجيرات وهذه الأحاديث (التتمة ص 13)