مفوّض «الأونروا» بيار كرينبول لـ«السفير»: إعادة النظر بالإجراءات ضدّ فلسطينيي سوريا

As-Safir

مادونا سمعان

Palestinian Rights

Viewed : 413

لم يتمكن المفوض العام الجديد «لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين» (الأونروا) بيار كرينبول من دخول مخيم اليرموك، فالقصف والقنص حالا دون ذلك. لكنّه تمكن، من مدخله، معاينة حجم الدمار فيه وصعوبة العيش فيه. لم يلتق بفلسطيني على بابه «لأن الوقت لم يكن وقت توزيع المعونات»، يقول لـ«السفير». ذهب إليهم إلى حيث لجأوا في جرمانا والشام وحمص، وفي ذهنه قوّة الخراب الذي أتى على منازلهم ومراكز أعمالهم، بل على حياتهم في المجمل. أخبروه كيف خسروا أهلاً وأقارب لهم، كيف جرحوا وكيف اختفى بعضهم. وقد بقي في اليرموك نحو 18 ألف نازح فلسطيني من أصل 160 ألفاً كانوا يعيشون فيه. لفتته نظراتهم «كأنهم يحدّقون في فراغ». رووا له معاناتهم، مثل المرأة التي مات زوجها وهي أم لثلاثة أطفال، فبقيت من دون معيل. يقول إن فكرة اختبار التهجير مرة أخرى هي أكثر ما يؤلمهم: «ها هي التجربة تتكرر من جيل إلى جيل، وكما في كل مرّة تجلب معها اليأس والمعاناة. وهم ليسوا بحاجة إلى الغذاء والتقديمات الصحيّة فحسب بل إلى الدعم المعنوي والنفسي أيضاً، خصوصاً أن معظمهم لاجئون للمرة الثانية وأكثر». حمل كرينبول مشاهداته وانطباعاته من سوريا إلى لبنان، وبرأيه أن الحالة الإنسانية التي يعيشها فلسطينيو سوريا وأبناؤها أنفسهم تستدعي ليس أبواباً مفتوحة فحسب، بل صدوراً مفتوحة. فزار رئيس الجمهورية ميشال سليمان ورئيس الحكومة تمام سلام ووزيري الداخلية والخارجية نهاد المشنوق وجبران باسيل. هدف إلى التعارف كمفوض استلم مهماته منذ شهر ونصف الشهر، ولكن أيضاً إلى نقل مشاهداته. شكرهم على الانفتاح الذي قابل فيه لبنان النازحين من سوريا، لكنّه أيضاً أعرب عن قلقه من الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها الحكومة إزاء النازحين الفلسطينيين من سوريا إلى لبنان. وأشار إلى أن الوكالة تتابع عن كثب هذا الموضوع، وأنه طالب بإعادة النظر بتلك الإجراءات والأخذ بعين الاعتبار الوضع الإنساني لهؤلاء اللاجئين والمواثيق الدولية وحقوق الإنسان التي تفرض مساعدتهم، لا سيما أنه تمّ احتجاز بعضهم: «ليس لوقت طويل وليسوا بعدد كبير»، فيما علق بعضهم في المنطقة التي تقع بين الحدود اللبنانية والسورية. شعر أنه طرح وجهة نظر الوكالة في الوقت المناسب، خصوصاً أن الحكومة وضعت ملف النازحين من سوريا تحت المجهر، وقدّم للمسؤولين اقتراحات لبعض التغييرات، و«بدوا منفتحين تجاهها»، يقول. والأهم، أنه نقل إليهم عدم رغبة الفلسطينيين بالنزوح إلى لبنان واختبار التهجير واللجوء مرّة ثانية، ورغبة من نزحوا إليه منهم بالعودة إلى مخيماتهم حالما تهدأ الأوضاع. قدّم المفوض الجديد ما يملكه من أرقام في شأن حركة الفلسطينيين على أثر الأزمة السورية، وانطلق من أن عددهم بلغ 540 ألفاً، كان 80 في المئة منهم يقطنون في المخيمات المحيطة بالشام ليتوزع الباقي على مناطق أخرى كحمص وحماه ودرعا. ووفق التقديرات اضطر نحو 50 في المئة من الفلسطينيين إلى اللجوء مرة ثانية، فدخل نحو 53 ألفاً منهم إلى الأراضي اللبنانية ونحو 13 ألفاً إلى الأردن، لتتوزّع غالبية البقية ضمن الأراضي السورية، مع الإشارة إلى أن منهم من هُجّر من مكان إقامته أكثر من مرّة. لفت كرينبول إلى أن استمرار وصول تقديمات «الأونروا» إلى الفلسطينيين في سوريا، أدّى إلى بقاء كثيرين منهم هناك». وهو يرفض أن تعتبرهم البلدان المضيفة عبئاً عليها «لأن الوكالة تتحمل هذا العبء بالكامل، لا بل إن التمويل الذي تخصصه لإقامتهم يعود بالفائدة على اقتصاد البلاد». لا ينفي أنه استلم الوكالة في أصعب الظروف، وأن الأزمة السورية فرضت عليها العمل وفق نهجين: «نهج أول يلبّي حاجات النزوح والتهجير من مكان إلى آخر، وهي متطلبات ملحة وسريعة، ونهج ثان يفرض استكمال التقديمات الصحيّة والتربوية وبدلات الإيواء وتطوير البنى التحتية وغيرها... وهي تقديمات تضمن لهم العيش بكرامة». ويلفت إلى أن لكل مجموعة من الفلسطينيين معاناتها ومآسيها، ففي غزة يعانون الحصار وإقفال المعابر، وفي سوريا يعانون القصف والتهجير، ولهم أوضاعهم الخاصة في لبنان والأردن. يعوّل كرينبول على»كرم» الدول المانحة، ولو أن ما تقدّمه يبقى أقل من المطلوب بسبب تزايد كلفة الإغاثة لجهة التعليم والتقديمات والطبيّة وغيرها. ويدرك أن على تلك الدول أخذ الخيارات في توجيه أموالها إزاء عدد الأزمات التي تلف الكرة الأرضية، «لكننا نجهد لجذب مانحين آخرين لم يكونوا في السابق على لائحة الدول الداعمة مثل البرازيل ودول الخليج». ويدرك أنه مع تعدد الأزمات تتحوّل الأموال من أزمات ملحّة إلى أزمات أكثر إلحاحاً، وقضية نهر البارد أكبر مثال على ذلك، فالمانحين غضّوا النظر عن أزمته بسبب الأزمة السورية الطارئة. وهو سيحاول جذب الأموال بعد زيارة يقوم بها إلى الخليج. لا يعنيه إذا كان الفلسطينيون في لبنان لاجئين والسوريون نازحين، فالاختلاف بالتسمية يعني الحكومة اللبنانية. ما يعنيه كما يقول، هو ما يعني الللبنانيين والفلسطينيين وقبلهم السوريين: متى تنتهي الأزمة السورية؟ وما يعنيه أيضاً هو ما برهنته له خبرته حين كان مديراً للعمليات في «الصليب الأحمر الدولي»، يتولى المفاوضات ويعمل على حلّ النزاعات، أن الأزمة حين تنتهي تتطلب جهداً حثيثاً لإعادة الأمور إلى ما كانت عليه. لا يملك كرينبول جواباً عما إذا كان هناك من نيّة لتأسيس «أونروا» تعنى بالسوريين أو ضرورة لإنشائها. وقد ردّ السؤال بسؤال آخر: «ماذا سيحدث بالشرق الأوسط إن لم يتمكن كل هؤلاء اللاجئين من العودة إلى ديارهم؟»، ما يعرفه أنه عندما أنشئت الـ«أونروا» في العام 1949 ما كان أحد يتخيّل أن ولايتها ستطول إلى يومنا هذا.

Source Link

Blog Roll